تعد القصور من أهم مباني العمارة الإسلامية، كونها شاهداً على روعة فن العمارة الإسلامي بطابعه المميز ونقوشه الزخرفية التي تعكس عظمة الحضارة الإسلامية وتفردها. ويُعد قصر الباشا النموذج الوحيد المتبقي للقصور الإسلامية في مدينة غزة، حيث يقع في البلدة القديمة بحي الدرج، وهو أحد المعالم التاريخية البارزة التي توثق مراحل مهمة من تاريخ المدينة.
يرجع بناء القصر إلى العصر المملوكي في القرن الثالث عشر الميلادي، وقد عرف أيضاً باسم قصر النائب، وكان مقراً لحكام المدينة ومركزاً للإدارة في فترات متعاقبة من التاريخ، لا سيما خلال الحقبة العثمانية. تميّز القصر بهندسته المعمارية الفريدة، حيث يحتوي على قاعات واسعة، وأقواس حجرية، وزخارف إسلامية دقيقة تزيّن جدرانه وسقوفه، مما يجعله نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية في فلسطين.
وقد تعرض قصر الباشا على مر العقود لعدة محاولات ترميم وصيانة للحفاظ عليه كمتحف ومعلم ثقافي وتاريخي. إلا أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2024 ألحق دماراً كبيراً بالقصر، حيث تم تدمير أجزاء واسعة من بنائه التاريخي، مما يشكّل خسارة فادحة للإرث الثقافي الفلسطيني، ويدق ناقوس الخطر حول مستقبل المعالم الأثرية في ظل استمرار الاستهداف والتدمير الممنهج.
اليوم، يشكّل قصر الباشا رمزاً للصمود والهوية، وتطالب المؤسسات الثقافية والجهات المعنية بالتراث بسرعة التحرك لإعادة ترميم ما تبقى منه، والحفاظ عليه كجزء لا يتجزأ من تاريخ غزة وفلسطين، وكشاهد حي على الحضارة الإسلامية وعمقها الحضاري والإنساني.